حياكم

حياكم |||هي مدونة إلكترونية عربية متخصصة في تقديم محتوى ثري ومتجدد حول الثقافة، السياحة، والتجارب المتنوعة داخل المملكة العربية السعودية ||| ايضا مهتم في التحفيز والايجابية ونشر البهجة والفرح ✨

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

العلا

العُلا.. أرض الحضارات وأسرار الأزمنة السحيقة


في شمال غرب المملكة العربية السعودية، تقف العلا كأحد أعظم الشواهد على الحضارات القديمة، وكمسرح حيّ لاكتشافات آثارية مذهلة تعيد رسم خريطة التاريخ البشري. فمن بين صحارى العلا القاحلة تنبثق آلاف البنى الحجرية الغامضة التي حيّرت العلماء، ودفعت بفرق دولية للتساؤل: من شيدها؟ ولماذا؟



كنوز أثرية غير مكتشفة بعد

العلا لم تحظَ، حتى وقت قريب، بالدراسة الآثارية الكافية، رغم غناها بالمواقع التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين. اليوم، تقود الهيئة الملكية لمحافظة العلا مشروعًا طموحًا لاستكشاف أكثر من 21,000 موقع أثري، في إطار رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تحويل العلا إلى وجهة عالمية للتراث والسياحة.



مدينة الحجر: شاهدة على حضارة الأنباط

من أبرز معالم العلا مدينة الحجر، العاصمة الجنوبية لحضارة الأنباط، التي ازدهرت قبل أكثر من ألفي عام. نُحتت مقابرها الضخمة في الحجر الرملي بمهارة معمارية مذهلة، ما يجعلها قرينة لمدائن صالح المسجلة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي. شكّلت هذه المدينة جزءًا من شبكة تجارية دولية مزدهرة كانت تنقل البخور والتوابل من شبه الجزيرة العربية إلى أوروبا وبلاد الشام.



ألغاز صروح الصحراء

لكن ما هو أكثر إثارة للدهشة هو البنى الغامضة التي يطلق عليها علماء الآثار "المستطيلات" و"القلائد الحجرية". تمتد بعضها لمسافات هائلة، وتحتوي على آلاف الأطنان من الصخور المصطفة بعناية مدهشة. ورغم الجهود المبذولة في التنقيب، ما زالت هوية هذه المعالم غامضة؛ هل هي قبور؟ أم أماكن طقوسية؟ أم إشارات إلى معتقدات دينية ما قبل التاريخ؟

اكتشافات تغيّر فهم التاريخ

أحدث الاكتشافات تشير إلى وجود آثار فحم حجري محفوظ جيدًا داخل بعض هذه البنى، ما مكّن العلماء من تحديد عمرها باستخدام الكربون المشع. المذهل أن تاريخها يعود إلى أكثر من 7,000 عام، أي أنها أقدم من الأهرامات المصرية ومن ستونهنج البريطانية!

وإلى جانب المستطيلات، كشفت عمليات التنقيب عن قرون حيوانات موضوعة بعناية، بينها قرون لماشية مستأنسة، ما يشير إلى أن سكان العلا كانوا من أوائل من مارسوا تدجين الحيوانات، في وقتٍ كانت فيه هذه الممارسة محصورة تقريبًا بمنطقة الهلال الخصيب.



العُلا.. متحف حي ومصدر فخر وطني

لا تقتصر جهود العلا على التنقيب فقط، بل تشمل أيضًا مبادرات للحفاظ على هذا الإرث، مثل برنامج "حماية" الذي يهدف لتأهيل السكان المحليين ليكونوا أمناء على تراثهم الثقافي والطبيعي. كما تُنظم مهرجانات عالمية وفعاليات سياحية تبرز جمال العلا وتربط الماضي بالحاضر.

وتعد قرية العلا القديمة، التي عاشت فيها الأجيال حتى الثمانينات، مثالاً حيًا على الترابط المجتمعي والهوية التي تسعى العلا للحفاظ عليها وتجديدها.

نساء يقُدن الثورة الآثارية

من الجوانب الملهمة أيضًا، بروز نساء سعوديات في مجال الآثار، مثل تهاني المحمود وماريا جوانين، اللواتي يقدن فرقًا ميدانية ويدرسن فنون الصخور واللغات القديمة، مساهمات في إعادة إحياء قصة العلا من منظور علمي وإنساني.

ختامًا: أرض تحمل مفاتيح التاريخ

العلا اليوم ليست مجرد موقع أثري، بل هي بوابة لفهم نشأة الحضارة البشرية، حيث تشير الأدلة إلى أن سكانها كانوا من بناة أقدم الصروح ومن أوائل من مارسوا الزراعة والتدجين والطقوس الاجتماعية. وبينما يتواصل البحث، تتكشف المزيد من المفاجآت، لتجعل من العلا قصة لم تُروَ بعد بالكامل، ولكنها باتت تكتب فصولها بمداد الفخر والمعرفة. 

عن الكاتب

حياكم

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

حياكم